المملكة المسالمة

"فَيَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْحَمَلِ، وَيَرْبِضُ النِّمْرُ إِلَى جِوَارِ الْجَدْيِ، وَيَتَآلَفُ الْعِجْلُ وَالأَسَدُ وَكُلُّ حَيَوَانٍ مَعْلُوفٍ مَعاً، وَيَسُوقُهَا جَمِيعاً صَبِيٌّ صَغِيرٌ." هذا المقطع والآيات الّلاحقة من إشعياء 11 - العهد القديم، قد ألهمت إدوارد هيكس Edward Hicks في لوحته الأيقونيّة "المملكة المسالمة" وهو موضوع قد رسمه أكثرَ من 60 مرة خلال حياته.

يشعر هيكس -الذي كان قسّيساً لجمعية الأصدقاء الدينية أوما يسمّى (Quaker) والذي كان أيضاً فنانا ذا تعلُّم ذاتيّ- بالمعضلة بين الحياة الرّوحية الدّاخليّة و الحياة الدنيويّة الخارجيّة. وكان متضايقاً من الخلاف اللاهوتي داخل جمعية الأصدقاء (Quakers).

 تنقل الحيوانات في هذه الّلوحة رسالةً أخلاقيّة بحيث تكبح المفترسات( متمثّلةً بالأسد والفهد والدُّب والذِّئب) غرائزها الأساسيّة وتعيش في تناغم مع الحمل الوديع والطفل والبقرة والثور والأطفال، وعطفاً عما سبق، آمن هيكس أن الإنسان عليه أن يُنكِرَ النّفس ويتخلّى عن السلوك الإرادي والدنيوي الإبداعي من أجل التَّوصل للنّعمة من الرَّب.

تحت وطأة اقتراب الحرب الاهليّة تأمّلَ هيكس فيما اعتبره "عصراً ذهبيّاً" حين قام ويليام بين William Penn بالدعوة إلى معاهدة سلام مع الأمريكيين الأصليين بينما كان يؤسِّسُ مستعمرةَ بينسلفينيا Pennsylvania في عام 1681، وكان قد ضمّن هذا المشهد التاريخي في العديد من لوحاته (في خلفية اللوحة إلى اليسار).

إنّ تدرُّب هيكس في رسم اللافتات بدلاّ من مدرسة الفنون الجميلة كان منعَكِساً في إسلوبه الفنّيّ فالحيوانات مسطحة (بلا أبعاد)، ذات أسلوب إظهار فني (غير طبيعية)،وجامدة في توضّعها. كانت رؤيا هيكس عن التناغم ملائمة لزمن الشِّقاق والانقسامات العميقة المتعلّقة بالانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة.

-مارتينا

إن كنت تودّ رؤيةَ هذه اللوحة بعينيك المجرّدتين: من 10 يونيو (حزيران) حتى 3 سيبتمبر (أيلول)،2017 في متحف الفن في سينسيناتي Cincinnati Art Museum يمكنك رؤية المملكة المسالمة في معرض "A Shared Legacy: Folk Art in America"  J